2024 March 19 - سه شنبه 29 اسفند 1402
الأخلاق الإسلاميّة (الأخلاق الإلهيّة) (التوبة) (آثار التوبة)
کد خبر: ٢٦٣١ تاریخ انتشار: ١٠ خرداد ١٣٩٨ - ٠٠:٠٥ تعداد بازدید: 2321
صفحه نخست » خطبه سال 98 » خطبه های نماز جمعه
الأخلاق الإسلاميّة (الأخلاق الإلهيّة) (التوبة) (آثار التوبة)

الخطبة الأولى:98310  – 25رمضان 1440

توصية بتقوی الله عزوجل

عباد الله ! أوصيکم و نفسي بتقوی الله و اتباع أمره و نهيه و أحذركم من عقابه.

الموضوع: الأخلاق الإسلاميّة (الأخلاق الإلهيّة) (التوبة) (آثار التوبة)

ذكرنا أنّ التوبة أفضلُ وسائلِ العبدِ للخروج من التمَرُّغِ في أوحال المعاصي المُنْتِنةِ المُرْهِقةِ، كي يحلِّقَ في سماواتِ القرب الإلهيِّ بأجنحةِ الروحِ الخَفّاقةِ؛ ما يخلُقُ لدى التائبِ حالةً من الثورة الحقيقيّةِ في نفسه، ليرجِعَ عن جادّةِ الخطأ والانحرافِ مستقِرَّاً في قوس الصعود الذي يسيرُ به نحوَ الهداية والنجاةِ بالتهيُّؤِ لتَلَقِّي رحمةِ الله والتنعُّمِ بآثار ذلك التحوُّل.

وسنتناول في هذه الخُطبةِ بعضاً من ثمارِ التوبة وآثارِها بحياة الإنسان في ضوء القرآن الكريم والأحاديثِ الشريفةِ؛ وإليكم نماذجَ منها: 

- الخير والبركة

هناك علاقةٌ طرديّةٌ بينَ العودة إلى الله استغفاراً وتوبةً وصلاحِ أمرِ الفرد والمجتمعِ بتحقُّقِ الحياةِ الطيِّبةِ التي تحصِّنُ النسيجَ الاجتماعيَّ أمامَ مختلَفِ التيّاراتِ الهدّامةِ وذلك بنزولِ الخيراتِ المادّيّةِ وتضاعُفِ البركات المعنويّةِ؛ يقول تعالى حكايةً عن هودٍ عليه السلام: ﴿وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ وَلاَ تَتَوَلَّوْاْ مُجْرِمِينَ﴾

- دفعُ العذاب

لا مجتمعَ بمنأىً عن الابتلاءات والامتحانات؛ فتلك سنّةُ الله في البشر حتى يَمِيزَ الخبيثَ من الطيِّبِ، فيحِقَّ العذابُ على العاصين وتنزِلَ الرحمةُ على المُطيعين. ولعلّ من أهمِّ آثار التوبةِ أنّها ترفعُ العذابَ عن الفردِ والأمّة؛ يقول تعالى: ﴿وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ﴾.

وقد فسّر الإمام عليّ عليه السلام تلك الآيةَ بالاستغفار بمعنى التوبة الحقيقيّةِ؛ حيث قال: " كان في الأرض أمانان من عذاب الله سبحانه، وقد رُفِع أحدهما، فدونكم الآخرَ فتمسّكوا به، أمّا الأمان الذي رُفِع فهو رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وأمّا الأمان الباقي فالاستغفار..."

وعنه ( عليه السلام ) : "إخلاص التوبة يُسقِطُ الحَوْبَةَ".

- نيلُ غفران الله ورحمته

كما لا يُجدِي الغيثُ إلا في التربةِ الخِصبة التي تجذِبُ السُّحُبَ المُمْطِرةَ، فإنّ غفرانَ الله تعالى لا يُصيبُ ببركاته إلا مَواطِنَ التوبةِ الحقيقيّةِ؛ يقول تعالى:   ﴿كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَىٰ نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنكُمْ سُوءًا بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابَ مِن بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ﴾.

وعن الإمام علي ( عليه السلام ): "التوبة تستنزل الرحمة".

 

- تكفيرُ السيّئات

كلُّ ابنِ آدمَ خطّاء، وخيرُ الخطّائين التوّابون؛ وذلك من رحمة الله بعباده أن يغطّيَ ذنوبَهم حتى عن ملائكته عندما يعلمُ منه صدقَ التوبة والرجوع إليه؛ يقول تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَّصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَن يُكَفِّرَ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ﴾

وعن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ): "التوبة تَجُبُّ ما قبلَها".

 

- تبديل السيّئاتِ حسناتٍ

حينما يرتكب إنسانٌ خطأً ما أثناءَ عمله، فستُحْسَبُ عليه في سِجِلّاته وسيرتهِ المهنيّةِ نقطةً سوداءَ قد ثؤثِّرُ على ترقيتِه. ولكن انظروا إلى سَعَةِ رحمة الله في تعامله مع عبده التائب؛ إذ لا يكتفي بتغطية ذنبه فحسب، بل يبدِّلُ سيّئاتِهِ حسناتٍ حتى يلقاه طاهراً مطهَّراً؛ يقول تعالى:  ﴿إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا﴾

وأيُّ بشارةٍ أعظمُ للتائب من هذه البشرى من ربّه الرحيم الغفور!

وأيُّ حسرةٍ أشدُّ على أهل المعاصي من التفريط بهذه الفرص الإلهيّة الذهبيّةِ في العودة إلى الله ولا سيّما في شهر ضيافة الله. فبادِروا- عبادَ الله- بانتهاز الفرصة قبل "أَن تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَا عَلَىٰ مَا فَرَّطتُ فِي جَنبِ اللَّهِ وَإِن كُنتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ". ألا تسمعون ربَّكم مخاطباً إيّاكم:

"يَأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ تُوبُواْ إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَّصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَن يُكَفِّرَ عَنكُمْ سَيِّاتِكُمْ وَ يُدْخِلَكُمْ جَنَّتٍ تَجْرِى مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَرُ يَوْمَ لَا يُخْزِى اللَّهُ النَّبِىَّ وَ الَّذِينَ ءَامَنُواْ مَعَهُ‏و نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَ بِأَيْمَنِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَآ أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَ اغْفِرْ لَنَآ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَىْ‏ءٍ قَدِيرٌ"

وعن الإمام علي ( عليه السلام ): "لا شفيع أنجحُ من التوبة".

- الدخول في نطاق محبّة الله الخاصّة

إنّ أوثَقَ الصِّلات هي التي تقوم على أساس المحبّة الخالصة؛ إذ لا يرى الحبيبُ شيئاً أهمَّ بالنسبة إليه من رضى محبوبه، فيسعى لإرضائه مهما كلَّفَ الأمرُ. فتصوّروا أن يصبح ربُّ السماوات والأرضِ هو ذلك الحبيبَ الذي يسخِّر ُ كلَّ شيءٍ لمحبوبه الحقيقيِّ! وهذا الأمرُ يمكن تحقيقُه بالتوبة النصوحِ؛ فعن الإمام علي (عليه السلام): "توبوا إلى الله عز وجل وادخلوا  في محبته، فإن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين. والمؤمن توّاب".

عبادَ الله

إنّ باب التوبة مفتوحٌ. فعليكم بالمبادرة في ما بقي من شهر رمضانَ كي تنالوا آثارَ التوبة وبركاتِها. فراجِعوا أنفسَكم وحاسِبوها على كلِّ مورِدٍ تجاوزتم فيه الخطوطِ الحمراءَ الإلهيّةَ وأصلِحوها فرديّاً واجتماعيّاً. وما أجملَ أن أختم خطبتي هذه بفِقْراتٍ من دعاء الإمامِ السجاد (ع) في هذا الخصوص، تذكيراً لنا وتنويراً؛ حيث يقول (ع) مناجياً ربَّه:

"... اللّهم إنّي أعتذر إليك من مظلوم ظُلِم بحضرتي فلم أنصره، ومن معروف أُسدِيَ إليّ فلم أشكره، ومن مسيء اعتذر إليّ فلم أعذره، ومن ذي فاقة سألني فلم أُوْثِرْه، ومن حقّ ذي حقٍّ لَزَمَني لمؤمن فلم أوفّره، ومن عيب مؤمنٍ ظهر لي فلم أستره، ومن كلّ إثم عرض لي فلم أهجره..."

وَلْنناجِ معاً في آخِرِ جمعةٍ من شهر الله بقلوب صافيةٍ ونياتٍ صادقةٍ ودموعٍ جاريةٍ تلك المقاطِعَ من مناجاة التائبين:

"... إِلَهِي ظَلِّلْ عَلَى ذُنُوبِي غَمَامَ رَحْمَتِكَ، وَأَرْسِلْ عَلَى عُيُوبِي سَحَابَ رَأْفَتِكَ .

إِلَهِي هَلْ يَرْجِعُ الْعَبْدُ الْآبِقُ إِلَّا إِلَى مَوْلَاهُ، أَمْ هَلْ يُجِيرُهُ مِنْ سَخَطِهِ أَحَدٌ سِوَاهُ .

إِلَهِي إِنْ كَانَ النَّدَمُ عَلَى الذَّنْبِ تَوْبَةً، فَإِنِّي وَعِزَّتِكَ مِنَ النَّادِمِينَ، وَإِنْ كَانَ الِاسْتِغْفَارُ مِنَ الْخَطِيئَةِ حِطَّةً، فَإِنِّي لَكَ مِنَ الْمُسْتَغْفِرِينَ، لَكَ الْعُتْبَى حَتَّى تَرْضَى .

إِلَهِي بِقُدْرَتِكَ عَلَيَّ تُبْ عَلَيَّ، وَ بِحِلْمِكَ عَنِّي اعْفُ عَنِّي، وَبِعِلْمِكَ بِي ارْفُقْ بِي .

إِلَهِي أَنْتَ الَّذِي فَتَحْتَ لِعِبَادِكَ بَاباً إِلَى عَفْوِكَ سَمَّيْتَهُ التَّوْبَةَ، فَقُلْتَ تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحاً، فَمَا عُذْرُ مَنْ أَغْفَلَ دُخُولَ الْبَابِ بَعْدَ فَتْحِهِ .

إِلَهِي إِنْ كَانَ قَبُحَ الذَّنْبُ مِنْ عَبْدِكَ ، فَلْيَحْسُنِ الْعَفْوُ مِنْ عِنْدِكَ.

إِلَهِي مَا أَنَا بِأَوَّلِ مَنْ عَصَاكَ فَتُبْتَ عَلَيْهِ، وَتَعَرَّضَ لِمَعْرُوفِكَ فَجُدْتَ عَلَيْهِ، يَا مُجِيبَ الْمُضْطَرِّ، يَا كَاشِفَ الضُّرِّ، يَا عَظِيمَ الْبِرِّ، يَا عَلِيماً بِمَا فِي السِّرِّ، يَا جَمِيلَ السَّتْرِ، اسْتَشْفَعْتُ بِجُودِكَ وَكَرَمِكَ إِلَيْكَ‏، وَتَوَسَّلْتُ بِحَنَانِكَ [ بِجَنَابِكَ‏ ] وَتَرَحُّمِكَ لَدَيْكَ، فَاسْتَجِبْ دُعَائِي، وَ لَا تُخَيِّبْ فِيكَ رَجَائِي، وَ تَقَبَّلْ تَوْبَتِي، وَ كَفِّرْ خَطِيئَتِي، بِمَنِّكَ وَرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ"

وأسال الله تعالى أن يوفقنا و اياكم لننهل من المعارف الدينية الحقيقية الاصيلة و وأتضرع الیه ان ياخذ بيدنا لتحصیل ما یوجب رضاه  بلزوم  تقواه. واستغفر الله لی و لکم و لجمیع المومنین و المومنات. ان احسن الحدیت و ابلغ الموعظه کتاب الله:

الخطبة الثانية: 98310  – 25رمضان 1440

اللهم صل وسلم علی صاحبة هذه البقعة الشریفة، الکریمة علی رسول الله وأمیر المومنین، والعزيزة علی أخویها الحسن والحسین، بطلة کربلاء و عقیلة الهاشمیین، بنت ولی الله، و أخت ولي الله، وعمة ولي الله، زینب الکبری علیها  أفضل صلوات المصلین.

اللهم وفقنا لخدمتها في هذا المکان الشریف، وهب لنا دعاءها الزکي، وارزقنا شفاعتها المقبولة، آمین یا رب العلمین.

عباد الله! أجدّد لنفسي ولکم الوصیة بتقوی الله، فإنها خیر الأمور وأفضلها.

أيها الإخوة و الأخوات!

ما أسرَعَ كُرُورَ الليالي والأيامِ! وها نحن نجتمع اليومَ في آخِرِ جمعةٍ من شهر رمضان الذي تصرَّمَت أيّامُه ولم يتبَقَّ منه سوى بضعةِ أيامٍ منه. فالحمد لك-ربَّنا- الذي اصطفيْتَنا بفضله دونَ أهل الملل، "فَصُمْنَا بِأَمْرِك نَهَارَهُ، وَ قُمْنَا بِعَوْنِكَ لَيْلَهُ، مُتَعَرِّضِينَ بِصِيَامِهِ وَ قِيَامِهِ لِمَا عَرَّضْتَنَا لَهُ مِنْ رَحْمَتِكَ، وَ تَسَبَّبْنَا إِلَيْهِ مِنْ مَثُوبَتِكَ، وَ أَنْتَ الْمَلِي‏ءُ بِمَا رُغِبَ فِيهِ إِلَيْكَ، الْجَوَادُ بِمَا سُئِلْتَ مِنْ فَضْلِكَ، الْقَرِيبُ إِلَى مَنْ حَاوَلَ قُرْبَكَ، وَقَدْ أَقَامَ فِينَا هَذَا الشَّهْرُ مُقَامَ حَمْدٍ، وَ صَحِبَنَا صُحْبَةَ مَبْرُورٍ، وَ أَرْبَحَنَا أَفْضَلَ أَرْبَاحِ الْعَالَمِينَ"

فهنيئاً لمن استثمر تلك الفرصةَ المعنويّةَ. وحسرةً ما بعدَها حسرةٌ على من فرَّطَ بها. والبِدارَ... البِدارَ لمن أراد التعويض في ما بقيَ من الشهر وأبوابُ خيرِهِ لمّا تُغْلَقْ.

أيها المؤمنون والمؤمنات

نحمد اللهَ تعالى على ما منَّ علينا بإحياء المجالسِ والمناسباتِ الرمضانيّةِ هذا العامَ؛ فقد أقيمَت على مستوىً جيدٍ ومقبولٍ، لا سيّما برامجَ ليالي القدر عند مقام السيدة زينب (س)، والتي شهدَت بذلَ جهودٍ تنظيميةٍ مشكورةٍ سواءٌ من قِبَلِ لجنة الإشراف على المقام والمتولّين وخُدّامِ المصلّى وغيرهم من الجنود المجهولين، ناهيكُم عن المشاركة الفعّالة والحضورِ المميَّزِ من مختلف شرائح الزوّار الذين أضفَوْا على المَراسِمِ روحيّةً معنويّةً خاصّةً.

وهنا، أجد لِزاماً على نفسي أن أتقدّم بالشكر الجزيل والتقديرِ العالي لهم جميعاً على ما أدَّوْا من رسالتهم في تعظيم شعائر الله، وأقول لهم: "أجرُكم على الله الذي هو وحدَه القادرُ على أن يوفّيَكم أجورَكم. ولن أنسى-كما لم أنسَ- شهداءَ الحرمِ الطاهرِ الذين لهم أعظمُ حقٍّ في أعناقنا الذين تنعّمْنا-ولا نزال نتنعَّم- بالأمن والأمان بفضل دمائهم الطاهرة التي صانت الحرمَ والحُرُماتِ محقِّقين شعارَهم الخالدَ (لن تسبى زينبُ مرتين). فرحمة الله وبركاته ومغفرته عليهم والجرحى والمصابين وعلى عوائلهم الصابرةِ المحتسِبةِ؛ فقد أثمَرَت دماؤهم وصبرُهم نصراً وعِزّاً وإباءً".

أيها الإخوة والأخوات

الجمعةُ الأخيرةُ من شهر رمضان يومٌ من أيام الله في التاريخ، اقترن باسم رجلٍ من رجال الله، وهو الإمام الخمينيُّ (س) حين أعلنها يوماً عالمياً باسم بقعةٍ عزيزةٍ من بقاع الله وهي القدسُ. فخلُدَ ذكرُها كما خلُدَ ذكرُ مُطلِقِها أبدَ الدهرِ؛ فلا يُذْكَرُ القدسُ وفلسطينُ إلا مقترِناً باسم كاسرِ أصنام العصر الحديث الإمامِ الخمينيِّ (س).

نعم! لقد استطاع الإمام الخمينيُّ (س) بحركته الثوريةِ الشجاعةِ وحكمته الإلهيّةِ أن ينتشلَ قضيةَ القدس وفلسطينَ من زوايا النسيانِ التي كان الاستكبارُ والصهيونيةُ وأذنابُهما بصدد القضاء عليها، ليبُثَّ فيها الروحَ من جديد وتتحوّلَ بفضلِ تدبيرِ وصمود ومقاومة سماحة الإمام الخامنئيِّ (دام ظله) إلى خطابٍ دينيٍّ سياسيٍّ عامٍّ عالميٍّ يفصِل بين مشروعَي الحقِّ والباطل، في أوضَحِ تَجَلٍّ لمدى اقتدارِ رجلِ الدين الربّانيِّ العالمِ بزمانِه والعاملِ بتعاليم دينه في قَلبِ الطاولةِ على أعتى جبابرة الأرض بالتوكل على الله والاعتماد على أحرار الأمة والعالَم.

نعم! في يوم القدس العالميِّ نستذكرُ بإجلالٍ الإمامَ الخمينيَّ (س) الذي جسَّدَ نموذجَ الإنسان الفريدِ الذي قرَنَ الإيمانَ بالعمل، حتى صار رائدَ أعظمِ حِراكٍ ثقافيٍّ إنسانيٍّ في التاريخ الحديث. فَحُقَّ لهذا العصرِ أن يدعى باسمه لما تركَ من تراثٍ ثوريٍّ خالدٍ لا زالت أجيالٌ من المقاومين تتخرَّج من مدرسةِ فكره وأصالتِه. وكيف لا يكون إمامُنا الراحلُ كذلك، وهو بنفسه خِرِّيجُ مدرسة جدِّه رسولِ الله (ص) الذي غيَّرَ مسارَ التاريخ لصالحِ المستضعَفين والأحرارِ.

أيها الإخوة والأخوات

إننا، ومعنا كافّةُ الشعوبِ المسلمة وأحرارُ العالم، نحيي يومَ القدس العالميَّ كلَّ عامٍ تأكيداً على التزامنا بثوابتنا الدينية والإنسانية في رفض الظلم والاحتلال والاستكبار، وتأتي قضيةُ القدس على رأسها. ولن تزيدنا التحدياتُ والضغوطاتُ والتهديداتُ إلا تمسكاً بها، لأنّ في إحيائها إحياءً لنا.

ولا يغُرَّنَّكم تقلُّبُ قوى الاستكبار والصهيونية وتجبُّرُهم وانبطاحُ بعضِ الحكومات الخانعةِ المتصهيِنةِ في التخلّي عن قضية القدس أو السعيِ لبيعها. فالأملُ كلُّ الأملِ كان ولا يزال وسيبقى في شعوبنا المقاوِمة وأحرارِ العالَم التي مهما اختلَفَتْ توجُّهاتُها فإنّها لن تحيدَ عن تحرير القدس قيدَ أنمُلةٍ لأنها حقُّها الدينيُّ الإنسانيُّ الذي يأبى النسيانَ والتنازلَ بعد أن اختلط بدمها ولحمها ووجدانها.

وما يزيد شعوبَنا إصراراً على التزام نهج تحرير القدس، هو الوعدُ الإلهيُّ بالنصر مهما طالَ الزمنُ؛ فالظلمُ والاحتلالُ زائلان حتماً بشارةً كرَّرَها الإمامان الراحلُ الخمينيُّ والقائدُ الخامنئيُّ، حين أكّدا أنّ تحرير فلسطين قادمٌ لا مَحالةَ بقَبْضاتِ المقاومين المؤمنين الأحرارِ، لا اتفاقياتِ الأذِلّاءِ الخانعين.

وما المسيراتُ المليونيةُ في يوم القدس وإحراقُ أعلام الكيان الغاصب الصهيوني ورفعُ العلمِ الفلسطينيِّ فيها على مستوى العالَم إلا بشائرُ ذلك النصرِ الآتي.

أيها الإخوة والأخوات

نحتفي اليومَ بإحياء يوم القدس العالميِّ وسْطَ ظروفٍ استثنائيةٍ؛ حيث أَجْلَبَ العدوُّ بخَيله ورَجْلِه لتمرير ما يُدعى بصفقة القرن الذي هو الاسمُ الآخَرُ لبيع القدس في أسواق الذلِّ والعارِ والتطبيع مع الكيان الصهيونيِّ.

ومن هنا أخاطب أدعِياء تلك الصفقة وأقول: "إنّ قرناً اقترنَ اسمُهُ باسم الإمامِ الخمينيِّ يأبى أن يتلوَّثَ شرفُ أحرارِه وتَتَدَنَّس كرامة مقاوِميه، الذين ألحَقوا الهزائمَ بالاستكبار والصهيونيّة والرجعيّة على امتداد المنطقة، بتمرير صفقةِ بيع أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين التي سالت في سبيلها أزكى الدماء.

فلذلك على كافة الشعوب ولا سيّما الشعبَ الفلسطينيَّ أن يهُبُّوا جميعاً لرفض تلك المؤامرةِ وإحباطِها، حتى يموت المستكبرون والصهاينة والرجعيون غيظاً بذهاب أحلامهم أدراجَ الرياحِ. وستذهبُ حتماً".

أيها الإخوة والأخوات

لقد مرَّت أمّتُنا بظروفٍ أشدَّ ومؤامراتٍ أعقدَ؛ فقد كانت ثورتنا الإسلاميةُ في إيران في سبعينيات القرن الماضي طريةَ العود حين أعلن إمامُنا الخمينيُّ (س) يومَ القدس العالمي، وكانت عمليةُ التسويةِ مع الكيان الصهيوني على قدمٍ وساقٍ، وكانت بيروتُ آنذاك تحت حصار قوات الاحتلال الصهيونيِّ، ولم يكن لدى الفلسطينيين في الداخل سلاحٌ سوى الحَجَر للمقاومة. ومع ذلك خابت آمالُ المستكبرين والصهاينةِ وارجعيين.

أما اليوم، والجمهوريةُ الإسلاميةُ الإيرانيةُ في أقوى قوتها وحركاتُ المقاومةِ في أعلى جهوزيّتها على امتداد المنطقة من لبنان وفلسطين والعراق وسوريا واليمن بعد أن حرَّرَت مناطقَ شاسعةً من أرضها من دَنَسِ الإرهاب الاستكباريِّ الصهيونيِّ والتكفيريِّ، وصارت ترُدُّ الصاروخَ الصهيوأمريكيَّ بعشرِ أمثالها، ناهيكم عن الأزمات الداخليةِ التي يعيشها الكيان الصهيوني لا سيما بعد فشل النتن ياهو في تشكيل حكومته المزعومة. فهيهاتَ هيهاتَ أن تمُرَّ صفقة القرنِ أبداً، مصداقاً لقوله تعالى: " وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ".

إننا إذ نستنكر صفقةَ القرن المزعومة وعقدَ مؤتمر البحرين الاقتصاديِّ الهادف للتطبيع مع الكيان الصهيوني، ندعو كافة أبناء الشعب الفلسطيني للوحدة على محور المقاومة ورفض التطبيع مرحِّبين بما صدَرَ من مواقفَ مناهضةٍ لمؤامرة القرن معتبرين إياها نقطةَ أملٍ من رَحِمِ الألم؛ إذ إنّ وحدة الصف الفلسطينيِّ من العوامل الأساسيةِ لإحباطِ مخطَّطاتِ الأعداء. وليتّخذوا من مناسبة يوم القدس فرصةً لترسيخ موقفهم الرافض للتطبيع وكافة الصفقات التي تستهدف القضيةَ الفلسطينيةَ.

أيها الإخوة والأخوات

إنّ حلول يوم في مثل هذه الظروف هو لصالح الفلسطينيين وأبناء الأمة جميعاً كي يقوموا بدورهم في سبيل القدس وإفشالِ صفقة القرن المزعومة التي لن يكون مصيرُها أفضلَ من مصير باقي عملياتِ التسوية بالفشل الذريع. وستبقى القدس قضيةَ القضايا حتى تحريرها النهائيِّ كما أكد الإمام السيد علي الخامنئي أن ما يسمى "صفقة القرن" ستؤول إلى الفشل رغم مخططات أمريكا وعملائها لتمريرها.

و قال: "يوم الجمعة هو موعد انطلاق مسيرات "يوم القدس العالمي" وستكون بمثابة انتفاضة في وجه كل من يريد تصفية هذه القضية، وسيكون رسالة مباشرة لمؤتمر المنامة الاقتصادي في البحرين والذي يروّج لما سمي بصفقة القرن".

ولن يسمعَ العالمُ اليومَ إلا صرخاتِ الأحرار المقاومين رافعين قبضاتِهِم على امتداد البسيطةِ كلِّها، ونحن منهم أيضاً حين نجتمع بعد صلاة الجمعة لنقف معاً مردِّدين في أرجاء الحرم الزينبيّ الطاهر: الموت لأمريكا... الموت لإسرائيل... لا لصفقة القرن المشؤومة...

فأسأل الله تعالى أن ينصر الأمة الاسلامية ومحور المقاومة والمجاهدين في كل مكان.وأسأله تعالى أن ينصر جميع الشعوب المستضعفة في مواجهة المستكبرين والصهاينة والمتصهيِنين. اللهم اغفر لنا، و لوالدینا و لمن وجب له حق علینا.

اللهم اصلح کل فاسد من امور المسلمین. اللهم لا تسلط علینا من لایرحمنا.

اللهم اید الاسلام و المسلمین، واخذل الکفار و المنافقین. اللهم احفظ مراجعنا الدینیه لاسیما السید القائد الامام الخامنئی. اللهم عجل لوليك الفرج و العافية و النصر واجعلنا من خير أعوانه و أنصاره و شيعته و محبيه. استغفر الله لی و لکم و لجمیع المومنین و المومنات. ان احسن الحدیت و ابلغ الموعظه کتاب الله:

 



Share
* نام:
ایمیل:
* نظر:

پربازدیدترین ها
پربحث ترین ها
آخرین مطالب
صفحه اصلی | تماس با ما | آرشیو مطالب | جستجو | پيوندها | گالري تصاوير | نظرسنجي | معرفی استاد | آثار و تألیفات | طرح سؤال | ایمیل | نسخه موبایل | العربیه
طراحی و تولید: مؤسسه احرار اندیشه