الخطبة الاولى:  7 صفر المظفر 1439  - 139685

توصیة بتقوی الله عزوجل

ان المقصود من التقوى في القرآن الكريم و الاحاديث الصادرة عن الأئمة المعصومين(ع) أمران:

الاول: الاتيان بما يصلح الإنسان من خلال الإلتزام بأوامر اللَّه.

الثاني: الامتناع عما يضرّ الإنسان من خلال الانتهاء عن نواهي اللَّه.
وهما يساعدان بعضهم بعض، فكلما أطاع الإنسان اللَّه من حيث الأوامر ساعده ذلك على الانتهاء عن النواهي، والعكس صحيح⁴.
فلذلك قد قرن الله تعالى التقوي في كتابه و الاحاديث بالعبادة. لان العبادة تحتوي علي جانبي الحيات: العمل بما بصلح للانسان. وترك العمل بما يكون فيه مفسدة و ضرر للانسان.

و لاجل ذلك ان الايمان من أوصاف المتقين.

وهذا المعنى نراه في الآية الكريمة: ﴿الم * ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ والَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ وَبِالآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ﴾(البقرة:4-1.

الموضوع: ما هي انجازات الامام المجتبي خلال اقامته بالمدينة المنورة في السنوات العشر.

ان كلمة المسلمين لم تتّفق في شيء كالاتفاق على فضل أهل البيت(ع) وعلوّ مقامهم العلمي والروحي و مجموعة من الكمالات التي أراد الله تعالي  للإنسانية أن تتحلّى بها.

والإمام المجتبى (ع) ثاني أئمة أهل البيت بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وسيّد شباب أهل الجنة، ومن المطهّرين الذين أذهب الله عنهم الرجس و طهرهم تطهيرا.

لقد اجتمع في الإمام المجتبي(ع) شرف النبوّة والإمامة، بالإضافة الى شرف الحسب والنسب، ووجد المسلمون فيه ما وجدوه في جدّه وأبيه، فأحبّوه وعظّموه واحترموه.

وأنه(ع) بعد استشهاد أبيه الإمام عليّ‏ عليه السلام بايعه الناس بالخلافة في الكوفة، فرفض معاوية هذه المبايعة، وعمل على محاربته والتخلّص منه عليه السلام و مشى على هذه الطريقة حتى أدت الى عقد الصلح بينه و بين الامام المجتبي(ع).

و أما لاجل أن صلح الإمام(ع) لم يكن تنازلاً عن الإمامة والخلافة، بل كان تسليماً للسـّلطة لحفظ شيعته من الموت والقتل، فلذلك أن الامام المجتبي(ع) بعد أيام قليلة على توقيع معاهدة الصلح مع معاوية‘ وجد في نفسه أنّ المصلحة في الانتقال من الكوفة إلى المدينة‘ فانتقل إلى مدينة جدّه المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم، بصحبة أخيه الحسين‏عليه السلام و أقام باقي عمره الشريف في المدينة الى أن اسشتهد.

فأما هناك سوال:

أن الامام الحسن(ع) بما ذا اشتغل في أيام حضوره في المدينة؟ و ما ذا كان إنجازات الإمام الحسن عليه السلام في المدينة المنوّرة؟
اما الجواب:

أقام الإمام الحسن عليه السلام عشر سنوات في المدينة فكان في هذه المدة من الزمان كأبيه وجده طبيباً ومعلّماً وملجأً لأهل المدينة والمظلومين فيها.

فنقدّم في هذا المجال فهرسا  مختصراً من انجازات الإمام عليه السلام خلال السنوات العشر التي أقامها في المدينة.

 

الاول: اهتمامه بالتربية والتعليم للأصحاب و التلامذة.
المحدّثون والراوون والعلماء اذا سمعوا و عرفوا أن الامام الحسن انتقل الى المدينة فاسرعوا إلى للحضور عنده في المدينة بهدف النهل من علمه والحصول على فيضه.

و علماء المسلمين من الامامية و غيرها قد ذكروا عدد تلامذة الامام و المحدثين الذين تعلموا عنده و روا عنه(ع).

فلذلك يمكن تقسيم تلامذة الامام الى قسمين: بعض تلامذته من صحابة الرسول (ص)  بعض آخر من التابعين و بعض شهداء كربلاء من تلامذة الامام الحسن(ع).يعني قد تدربوا في مدرسة الامام الحسن كيفية الدفاع و الحماية عن الامام الحسين(ع)‘ ففي الحقيقة ان الامام الحسن هو الموثر في تدريب أصحاب الامام الذين قال بشأنهم الامام الحسين(ع): فإنّي لا أعلم أصحاباً أوفى ولا خيراً من أصحابي.

و قال بشأنهم الامام الصادق(ع) في زيارتهم: أنتم سادة الشهداء في الدنيا والآخرة.

كجابر بن عبد الله الأنصاري و غيره من أجلاء الأصحاب والمحدثين و الرواة.

 

الثاني: اهتمامه(ع) بترويج ثقافة الإسلام المحمدي الأصيل.
مما اهتم به الإمام المجتبى(ع) خلال السنوات العشر التي أقامت في مدينة رسول الله(ص) هو بذل الجهد الجهيد في نشر ثقافة الإسلام الأصيل .

بما أن الامام المجتبي رأى أن الثقافة التي انتشرت في المدينة بعد رسول الله هي الثقافة المتحرفة التي بثها الأمويون و خصوصا معاوية و عائلته‘ لان هذه العالئلة كانت تقف بكل قوّتها في مواجهة الإسلام الأصيل و مواجهة أهل البيت(ع). و تقف في مقام ازالة ثقافة الاسلام الأصيل و ثقافة الرسالة و ثقافة الامامة و ثقافة القيادة الصالحة.

فكان مما حصل في عهد هولاء هو جعل الاحاديث و رواية أشياء قبيحة عن الامام علي و الحسن و الحسين(ع) و تعطيل بعض الاحكام و تغيير بعضها الآخر ز ترويد بالدعة للناس.

و لكن أنهم مع بذل جهد كبير في هذه الطريقة السيئة إلّا أنهم لم يوفق في ذلك بلمعني الصحيح, لأنّ العمل الذي قام به الإمام المجتبى عليه السلام والذي يتمحور حول تربية طلّاب يدركون الإسلام الصحيح قد سد الطريق على تلك المحاولات.

مضافا الى أن الامام (ع) دائما يجلس مع الناس و يتحدث معهم و يبين لهم حقيقة ثقافة الاسلام و يرسل الكتب و الرسالات الى بعض الأشخاص النافذين غير المطّلعين مبيّناً لهم الانحرافات الحادثة

وبالنتيجة أن الامام(ع) كان محبوبا و معروفا بين اهل المدينة فلذلك يالتون الى المسجد و يجلسون مع الامام و يستمعون كلامه.
في أحد الأيّام سأل معاوية رجلاً من أهل المدينة: أخبرني عن الحسن بن عليّ؟

قال: ... إذا صلّى الغداة جلس في مصلّاه حتّى تطلع الشمس، ثمّ يساند ظهره فلا يبقى في مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم رجل له شرف إلا أتاه فيتحدثون حتّى إذا ارتفع النهار صلّى ركعتين ثمّ نهض فيأتي أمّهات المؤمنين فيسلم عليهنّ فربّما أتحفنه ثمّ ينصرف إلى منزله، ثمّ يروح فيصنع مثل ذلك²³.
ويقول ابن صبّاغ المالكيّ من علماء أخواننا السنة: وكان إذا صلّى الغداة في مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم جلس في مجلسه، يذكر الله حتّى ترتفع الشمس، ويجلس إليه من يجلس من سادات الناس يحدّثهم.
فعليهذا يمكن القول بأن الامام المجتبي قد ساهم نشاطاته خلال عشر سنوات في إحياء الإسلام من جديد.

لأنه(ع) قد بذل تمام جهده في ترويج ثقافة صحيحة من الاسلام الأصيل.

أسأل الله تعالی و أتضرع الیه أن یوفقنا بتحصیل ما یوجب رضاه  بلزوم  تقواه. و أسال الله تعالی أن یجنبنا عن جمیع المعاصی والذنوب.

اللهم اغفر لنا و لوالدینا و لمن وجب له حق علینا،  لجمیع المومنین و المومنات والشهداء و الصدیقین، جمیع عبادالله الصالحین.

اللهم وفقنا لما تحب و ترضاه.  أستغفر الله لی و لکم و لجمیع المومنین و المومنات. ان احسن الحدیت و ابلغ الموعظه کتاب الله:

 

الخطبة الثانية:  29محرم الحرام 1439  - 1396728

أللهم صل و سلم علی صاحبة هذه البقعة الشریفة، الکریمة علی رسول الله و أمیر المومنین ، و العزيزة علی أخویها الحسن والحسین، بطلة کربلا و عقیلة الهاشمیین ، بنت ولی الله، و أخت ولی الله، و عمة ولی الله، زینب الکبری علیها أفضل صلوات المصلین.

أللهم وفقنا لخدمتها في هذا المکان الشریف، و هب لنا دعائها الزکي ، وارزقنا شفاعتها المقبولة، آمین یا رب العلمین.

عباد الله! اجدد لنفسی و لکم الوصیه بتقوی الله، فانها خیر الامور و افضلها.

في تكملة البحث:

ايها الاخوة و الأخوات!

في تكملة البحث:

الثالث: اهتمامه (ع) بالفقراء والمحتاجين
كان الإمام الحسن عليه السلام كأبيه الإمام أمير المؤمنين عليه السلام لجهة الاهتمام بالمحتاجين والفقراء.

لأنّ السخاء الحقيقي هو بذل الخير بداعي الخير، وبذل الإحسان بداعي الإحسان، وقد تجلّت هذه الصفة الرفيعة في الإمام الحسن المجتبى (ع) حتى لُقّب بكريم أهل البيت.
فقد كان لا يعرف للمال قيمةً سوى ما يردّ به جوع جائع، أو يكسو به عارياً، أو يغيث به ملهوفاً، أو يفي به دين غارم.

فلذلك كان(ع) شديد الاهتمام بهم ليلا و نهارا وكان(ع) يقوم بعمل أمير المومنين(ع) بدون علم أحد من الناس، يعني ينفق على الفقراء سرا و خفية و علانية‘ فكان بذلك مصداقاً حقيقيا و عمليا لهذه الآية: الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُم بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلاَنِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ²⁵
فكان الامام(ع) لايرد سائلا.
قيل للإمام الحسن المجتبى عليه السلام: لأيّ شيء لا نراك تردّ سائلاً؟

فأجاب: (إنّي لله سائل وفيه راغب، وأنا أستحي أن أكون سائلاً وأردّ سائلاً، وإنّ الله عوّدني عادةً أن يفيض نعمه عليَّ، وعوّدته أن أفيض نعمه على الناس، فأخشى إن قطعت العادة أن يمنعني العادة)(٥٧).

ولو مررنا على مشاهد الكرم والسخاء في حياة الامام الحسن(ع) لشاهدنا التنوع والتكامل لهذه الفضيلة في سلوك الامام (ع)‘ فتارة يبادر بالعطاء من دون سؤال، وأخرى يضاعف الجزاء اضعافا لمن صنع مع الامام معروفا.

ومنها انه يأبى ان يرى ذل السؤال في صاحب المسألة فلا يراق ماء وجه المحتاج في حضرة الامام ويكتفى بالطلب الخطي ودفع العطاء من غير مشافهة.
و هذا درس للمومنين في سيرة الامام الحسن المجتبى لكل عصر و زمان!

و اما الذي يعجب الانسان و يعجب العالم هو العمل الذي ابتدر به الامام المجتبى في تقسيم جميع أمواله مع الفقراء.

و هذا الأسلوب اي اسلوب المناصفة مع الله تبارك وتعالى في أمواله قد تكرر منه ثلاث مرات، فكان يُقَسم جميع ما يملك بالنصف، فيُقدم للفقراء والمحتاجين نصف ما يملكه.

في ذلك روي زيد بن جذعان قال: خرج الحسن بن عليّ من ماله مرّتين، وقاسم اللّه تعالى ماله ثلاث مرّات حتّى أن كان ليعطي نعلا ويمسك نعلا ويعطي خفّا ويمسك خفّا. سير أعلام النبلاء ج ٣ ص ١٧٨ ط مصر.

ان يوم الاربعاء الماضي كان يوم استشهاد مولاتنا السيدة رقيه بنت الامام الحسين(ع) التي كانت بنتا صغيرة له(ع) و توفيت عند رأس أبيها بخربة الشام و عند عمتها زينب و أم كلثوم و عند الامام الباقر الذي له اربع سنين أو سنتان و نصف حسب اختلاف الروايات.و دفنت بخربة الشام.

 

مقتل السیده  رقیه

قال المحدث القمي : وفي كامل البهائي نقلا من كتاب الحاوية أن نساء أهل بيت النبوة أخفين على الأطفال شهادة آبائهم ويقلن لهم إن آباءكم قد سافروا إلى كذا وكذا ، وكان الحال على ذلك المنوال حتى أمر يزيد بأن يدخلن داره ، وكان للحسين ( عليه السلام ) بنت صغيرة لها أربع سنين قامت ليلة من منامها وقالت : أين أبي الحسين ( عليه السلام ) فإني رأيته الساعة في المنام مضطربا شديدا .

فلما سمع النسوة ذلك بكين وبكى معهن سائر الأطفال وارتفع العويل ، فانتبه يزيد من نومه وقال : ما الخبر ؟

ففحصوا عن الواقعة وقصوها عليه ، فأمر بأن يذهبوا برأس أبيها إليها ، فأتوا بالرأس الشريف وجعلوه في حجرها ، فقالت : ما هذا ؟

قالوا : رأس أبيك .

ففزعت الصبية وصاحت فمرضت وتوفيت في أيامها بالشام .

وروى هذا الخبر في بعض التأليفات بوجه أبسط وفيه : فجاؤوا بالرأس الشريف إليها مغطى بمنديل دبيقي ، فوضع بين يديها وكشف الغطاء عنها ، فقالت : ما هذا الرأس ؟

قالوا : إنه رأس أبيك . فرفعته من الطست ، حاضنة له وهي تقول :

يا أبتاه! من ذا الذي خضبك بدمائك ؟

يا أبتاه! من ذا الذي قطع وريديك؟

يا أبتاه! من ذا الذي أيتمني على صغر سني؟

يا أبتاه! من بقي بعدك نرجوه.

يا أبتاه! من لليتيمة حتى تكبر؟

- وذكر لها من هذه الكلمات إلى أن قال : - ثم إنها وضعت فمها على فمه الشريف  وبكت بكاء شديدا حتى غشى عليها ، فلما حركوها فإذا هي قد فارقت روحها الدنيا . فلما رأى أهل البيت ما جرى عليها أعلوا بالبكاء واستجدوا العزاء وكل من حضر من أهل دمشق فلم ير ذلك اليوم إلا باك وباكية ، انتهى. موسوعة شهادة المعصومين (ع) ج 2 ص 386.

اللهم اغفر لنا، و لوالدینا و لمن وجب له حق علینا.

اللهم اصلح کل فاسد من امور المسلمین.

اللهم لا تسلط علینا من لایرحمنا.

اللهم اید الاسلام و المسلمین، واخذل الکفار و المنافقین.

اللهم اید عساکر المجاهدین، لاسیما الذین جاهدوا فی ارض سوریا و العراق و لبنان والبحرین و الیمن و فی کل مکان.

اللهم فک عن اسرانا و المحاصرین فی بلادنا من اخواننا المسلمین.

اللهم ارزقنا توفیق الشهاده فی سبیلک.

اللهم احفظ مراجعنا الدینیه لاسیما السید القائد الامام الخامنئی.

 اللهم اغفر للمومنین و المومنات، لاسیما الشهداء ، و اعل درجتهم و احشرنا معهم.

اللهم اشغل الظالمین بالظالمین، و اجعلنا من بینهم سالمین غانمین.

اللهم اشف مرضانا و مرضی المسلمین جمیعا.

اللهم ارحم موتانا و موتی المسلمین.

اللهم عجل لولیک الفرج. والعافیه النصر و اجعلنا من خیر اعوانه و انصاره و شیعته.

الللهم وفقنا لماتحب و ترضاه.

ان احسن الحدیث و ابلغ الموعظه کتاب الله عزوجل: